• السعودية «كانت مهيأة» لمواجهة الأزمة العالمية

    28/08/2010

     صندوق النقد يؤكد: السعودية «كانت مهيأة» لمواجهة الأزمة العالمية
     
     
     

    أكد تقرير دولي حديث أن «المملكة كانت مهيأة تماما لمواجهة الأزمة العالمية بفضل الدروس المستفادة من التجربة التي خاضتها في منتصف ثمانينيات القرن الماضي عندما انهارت أسعار النفط وتعرضت المملكة لأزمة مصرفية حادة».
    وأكد التقرير الذي صدر عن صندوق النقد الدولي أن الحذر في سياسة المالية العامة في السعودية أدى إلى توفير الحيز المالي اللازم لاتخاذ إجراءات قوية في مواجهة الأزمة العالمية، وأنه «كان للأطر الرقابية والتنظيمية السليمة أكبر الأثر أيضا في تعزيز قدرة القطاع المالي على الصمود في مواجهة الأزمة».
    وبحسب التقرير فإن «السياسة الاحترازية الكلية المضادة للاتجاهات الدورية على وجه الخصوص، أصبحت من السمات المعتادة في منهج إدارة المخاطر المعتمد لدى مؤسسة النقد العربي السعودي» .
    وأدت دفعة التنشيط المالي الكبيرة إلى دعم النشاط الاقتصادي، كما امتدت آثارها الإيجابية إلى الخارج فارتفعت تحويلات العاملين بنحو 20 في المائة لتصل إلى 25 مليار دولار. وأبدى النمو غير النفطي صمودا ملحوظا عند مستوى 3,8 في المائة في عام 2009، بانخفاض لم يتجاوز 0,5 نقطة مئوية عن المسجل في عام 2008 رغم التأثيرات العالمية المعاكسة. وأدى انخفاض أسعار النفط ودفعة التنشيط المالي الكبيرة إلى تحول رصيد المالية العامة الكلي من فائض بلغ 32,5 في المائة من إجمالي الناتج المحلي في عام 2008 إلى عجز قدره 6,1 في المائة في عام 2009، وذلك للمرة الأولى منذ عام 2002. كذلك تراجع فائض الحساب الجاري الخارجي من 28 في المائة من إجمالي الناتج المحلي في عام 2008 إلى نحو 6 في المائة في عام 2009، في انعكاس آخر لانخفاض الإيرادات النفطية. أما معدل التضخم فقد سجل تراجعا كبيرا عن مستوى الذروة الذي وصل إليه في عام 2008 (11,1 في المائة) ـ نتيجة انخفاض أسعار الواردات ـ رغم دفعة التنشيط المالي الكبيرة والأوضاع النقدية التيسيرية.
     
    وركزت عمليات مؤسسة النقد العربي السعودي على تعزيز الثقة بالجهاز المصرفي وحفز النمو الائتماني. وقد أبدى الجهاز المصرفي صمودا مستمرا بتجاوزه الأزمة، فظلت البنوك رابحة رغم تراجع الأرباح المحققة بنسبة 10 في المائة في عام 2009 بسبب زيادة مخصصات خسائر القروض، ولا تزال القروض المتعثرة منخفضة نسبيا رغم ارتفاعها في عام 2009. وتتيح نسبة كفاية رأس المال البالغة 16,5 في المائة هامشا كبيرا للوقاية من الصدمات المعاكسة. وقد مر الائتمان المصرفي المقدم للقطاع الخاص بمرحلة استقرار في عام 2009 بالرغم من وفرة السيولة، لكن هذا الاستقرار لم يشكل قيدا كبيرا على النمو نظرا لتوافر مصادر تمويلية بديلة.
    وتميز قطاع الشركات المُسَجَّلة في سوق الأوراق المالية بسلامة أوضاع ميزانياته العمومية في نهاية عام 2009. غير أن الربحية كانت أقل من مستوياتها في السنوات السابقة على الأزمة (عدا في قطاع الاستثمار المتعدد)، حيث انخفضت بنحو 30 في المائة في عام 2009 مقارنة بعام 2008.
    ولا تزال الآفاق إيجابية بوجه عام، وتظل أبرز المخاطر هي حدوث انخفاض حاد في أسعار النفط، وإن كان ذلك بعيد الاحتمال. ويُتوقع ارتفاع إجمالي الناتج المحلي غير النفطي إلى 4,25 في المائة في عام 2010، مع استمرار الدعم المستمد من موقف المالية العامة التوسعي وتحسن أوضاع الائتمان. وتشير التوقعات إلى حدوث تحسن في كل من حساب المالية العامة والحساب الخارجي، انعكاسا لتحسن الإيرادات النفطية. ومن المتوقع أن يظل التضخم في حدود 5 في المائة في عام 2010، متأثرا باستمرار تضخم أسعار الإيجارات والمواد الغذائية وموقف المالية العامة التوسعي والسياسة النقدية التيسيرية. ويُنتظر أن يتراجع التضخم تدريجيا بعد عام 2010، تمشيا مع الارتفاع المتوقع في أسعار الفائدة العالمية والخروج تدريجيا من مرحلة التنشيط المالي. ولا يزال تأثير مشكلة الديون السيادية في أوروبا محدودا حتى الآن.
    وأشار المديرون التنفيذيون إلى أن المملكة العربية السعودية كانت مهيأة تماما لمواجهة الأزمة العالمية بفضل اعتماد أطر رقابية وتنظيمية سليمة واتباع سياسات اقتصادية كلية ومالية رشيدة في السنوات السابقة. وأثنى المديرون على الحكومة لمبادرتها في الوقت المناسب باتخاذ تدابير قوية على صعيد السياسات، ولا سيما دفعة التنشيط المالي الكبيرة الموجهة بدقة، وما أبدته من مهارة في إدارة السياسة النقدية بحيث استطاعت الحد من تأثير الأزمة، ودعم النمو القوي في القطاع غير النفطي، والمساهمة في تنشيط الطلب العالمي. وتبدو آفاق الاقتصاد إيجابية رغم وجود بعض المخاطر، ولا سيما الناشئة عن تقلب أسعار النفط.

حقوق التأليف والنشر © غرفة الشرقية